دكتورة أماني فؤاد تكتب :أنفه الكبير الذي تدحرج على الأرضية الخشبية

عَلقتْ صورة كبيرة له في غرفتها ذات الحوائط الشفافة، يغمرها الفرح عندما تنظر إلى ملامحه الجذابة التي تأسر عينيها، في مساحة اللوحة تلك تفوح رائحة أزهار شجيرات البرتقال نفسها التي زرعتها بحديقتها، في مساحة النبض يجلس على مقعد وثير واضعا قدما فوق الأخرى، من قلب الصورة تتجه عيناه صوب معنى كأنه يراه لكنه لا يقبض عليه. أرضية اللوحة الخشبية فارغة إلا من سجادة إيرانية بمنمنمات شيرازية، تتذكرها الآن فقط، هي ذات القطعة الحريرية التي قال أنه سيهديها إليها في إحدى اللقاءات القادمة.

ذات صباح عندما فتحت عينيها على اللوحة فوجئت بأصبعين من أصابعه فوق السجادة أسفل قدميه، هلعت، نفذت بيديها مباشرة داخل اللوحة وأعادتهما لكلتا يديه وألصقتهما بجسده جيدا.

بعد عدة أيام وجدت خمسة أصابع وإحدى شفتيه على الأرضية، أحضرت مادة لاصقة قوية وأعادت أعضاءه إلى أماكنها بعد أن تأكدت من أن خاتمها الذي أهدته إياه بمكانه، ثم بدأ القلق يساورها.

بعد مرور عدة أشهر وجدت أنفه الكبير يتدحرج على الأرضية بعيدا عن سجادة اللوحة، نظرت إليه طويلا غير مصدقه، لماذا تتهاوى أعضاؤه يوما بعد آخر على هذا النحو، لقد تفننت وهي تضع خطوط تلك اللوحة طيلة سنوات، اختارته على عينيها كما يقولون، لظلال صورته كانت تقص الحكايات ومع ضوئها مرقت للسماوات، يد الله لمست قلبها حين كانت تختار ألوانها. توسلت لكل قوى العالم ألا تتساقط أجزاء لوحتها.

لمحته في إحدى الليالي الباردة يضحك ساخرا واصفا إياها بالجنون، كانت تُركّب أصماغا قوية خوفا من أن تتهالك أعضاؤه الأخرى، لم يكن يقصد جنون الشغف أو العشق بل نعتها بالمرض النفسي. نظرت إليه مليا ثم أعادت إحدى عينيه إلى تجويفها في طرف رأسه الشمال بعد أن قلبتها بيديها وبحثت عن بريقها الحاني فلم تجده، خرجت في الهواء لتلتقط أنفاسها بعيدا عن ادعاءاته التي تتكرر بلا منطق سوى أنه يريد أن يمضي فإذا بأشجار البرتقال وقد اجتثت من أرض الحديقة، هرولت سريعا عائدة إلى اللوحة فإذا بزهرات شُجيراتها مرمية فوق ذراعيه اللذين وقعا على الأرضية مع إحدى قدميه، جميعهم فوق السجادة الحريرية التي لم يهدها إياها، يتناثرون فوق الأرض الخشبية المترامية التي امتدت حتى وصلت من اللوحة لأطرافها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
أشاد بها فان دام.. فنانة تشكيلية مصرية تتعلم لغة "الإشارة" لتتواصل مع اصحاب القدرات الخاصة .. وتعيد الذكريات بترميم الصور القديمة  السمنة: أطباء بريطانيا يستعدون لتقديم لقاح "ويغوفي" لإنقاص الوزن الظهور الأول ل «بنزيما» بقميص اتحاد جدة السعودي البنك الدولى: مصر والسعودية ستتفوقان على أمريكا وأوروبا فى النمو الاقتصادي خلال احمد بهاء شعبان لـ السلطة الرابعة: كثرة المتحاورين بالحوار الوطني يضعف نتائجه.. والحركة المدنية أبلت حسنا وفق الإمكانات.. ولم نتفق على مرشح رئاسي حتى ... أول تحرك برلماني ضد اجبار المواطنين شراء مستلزمات المرور بأسعار مرتفعة للترخيص رغدة نجاتي: التوسع في التصنيع الدوائي يدعم القارة الأفريقية اقتصاديا من المحلة إلى الحوار الوطني... في ثاني جلساته "العدل" يستضيف رؤوساء الأندية وكبار اللاعبين والأبطال بالمحلة طلب احاطة ل"وزير التعليم" حول خطة الوزارة لإضافة مناهج لتدريس الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني المراحل التعليمية المختلفة  المنطقة الغربية العسكرية تنظم لقاء مع عدد من شيوخ وعواقل مطروح