تخريج دفعات استثنائية من كلية الطب .. هل هو حل لسد العجز أم كارثة صحية؟

منذ أيام عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً، لمتابعة تنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تأهيل مزيد من الأطباء لسد العجز الحالي في أعداد الأطباء بالمستشفيات، بحضور الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وفي بداية الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد الذي نواجهه حالياً في أعداد الأطباء، وكذا زيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب.

من جانبه، أشار الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إلى أنه يوجد تكليف من رئيس الجمهورية بالنظر في أعداد العاملين في القطاع الصحي ، واستعرض الوزير أعداد الخريجين من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص خلال الفترة من 2014 حتى 2018، حيث بلغ أعداد هؤلاء الخريجين نحو 47 ألف خريج من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص؛ وهي الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والعلاج الطبيعي، ومعاهد ودارسى التمريض.

وتعاني مصر من تزايد عدد هجرة الأطباء المصريين لدول الخليج العربي وأوروبا، في الآونة الأخيرة، بحثًا عن مصدر رزق يضمن لهم حياة كريمة، بسبب تدني أجورهم المادية، الأمر الذي شكل مخاوف كبيرة لدى مجلس نقابة الأطباء .

وأثارت هذه المقترحات، جدلا واسعا في المجتمع المصري، فقال النائب رضا البلتاجي، عضو مجلس النواب، إنه سيتقدم بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب، موجه لرئيس الوزراء ووزيرة الصحة، بشأن ما يتم ترويجه بتخريج دفعات استثنائية من كليات الطب لسد العجز من الأطباء على مستوى الجمهورية، ، مؤكدًا أن هذه الخطوة لا بد من مراجعتها كون الحاجة لأطباء على مستوى عال من التعليم، وليس أطباء دون تعليم فتكون كوارثهم أكبر قائلا: “هذه الخطوة تمثل كارثة صحية حتما سيدفع ثمنها المواطن المصري الفقير”.

‎‎
ومن جانبها تقول عضو مجلس نقابة الأطباء المصريين، الدكتورة منى مينا: إن ”كل ما تقدمت به الحكومة لحل أزمة هجرة الأطباء ما زال مجرد مقترحات ليس لها علاقة بإنهاء مشاكل الأطباء“. مضيفة أن إصلاح بيئة العمل، والسعي لحل ما يواجه الكوادر الطبية من أزمات، وتوفير راتب محترم لها، وتخيير الطبيب بين العمل الحر أو التفرغ للعمل الحكومي أو الخاص، هو الحل الأمثل.

وأشارت الدكتورة منى مينا، في تصريحات نقلها موقع ”إرم نيوز“ الإماراتي، إلى انخفاض أجور الأطباء المصريين كثيرًا، بالإضافة لتعرضهم لمخاطر كثيرة، من أهمها ”العدوى“، والتي يتقاضون عليها بدلًا ضعيفًا جدًا لا يتناسب في ظل غلاء المعيشة.

وترى الدكتورة منى مينا أن من أخطر المشاكل التي تواجه الأطباء المصريين هي عدم توافر حماية لهم في حال أصيب المريض بمكروه أو توفي نتيجة حدوث مضاعفات صحية أو نقص الإمكانيات، وعدم حدوث ذلك نتيجة تقصير من الطبيب. حيث قد يفاجأ الطبيب بإحالته للنيابة العامة دون أن يكون هناك أي خطأ مهني صادر عنه.

وأضافت أن شروط العمل سيئة من جميع الجهات، فلا حماية قانونية من الاعتداءات على الأطباء، أو من العدوى التي قد تصيبهم، أضف إلى ذلك رواتبهم القليلة التي لا تفي متطلباتهم، وكل هذه المشكلات بالطبع تجعلهم يبحثون عن فرص عمل أفضل.

وعن تدريب خريجي الجامعات الخاصة بالمستشفيات الحكومية، قالت الدكتورة منى مينا: إن قانون الجامعات يشترط على كل كلية طب أن يكون لديها المعامل والتجهيزات والأدوات وكل ما تحتاجه لتدريب طلابها، معتبرة إنشاء كليات للطب دون مستشفيات خاصة بها خطوة خطيرة تنذر بتدهور غير مسبوق بمهنة الطب في مصر، لأن اللجوء للمستشفيات الحكومية لتدريب خريجي الكليات الخاصة غير كافٍ، كون هذه المستشفيات بحاجة للتطوير.

واعتبرت أن تدريب طلاب الكليات الخاصة بالمستشفيات الحكومية ليس تحايلًا على قرارات النقابة في هذا الأمر، لكونه غير جائز، لوضوح القانون.

وأوضحت أن المعضلة الخاصة بهجرة الأطباء ومعالجتها فيه نوع من التسرع، ولا يصح أن يكون حلها بمضاعفة عدد الأطباء، وهناك حلول كثيرة، مثل رفع الأجور، ووقف عملية التشويه الإعلامية التي يتعرض لها الأطباء في مصر، وتعديل التشريعات، وإيجاد طريقة علمية لمحاسبة الأطباء في حال ”الخطأ المهني“، لأنه حتى الآن لا يوجد قانون خاص بهم، مما يعرضهم لأن يخضعوا لأحكام قانون الجنايات.

وتساءلت الدكتورة منى مينا عن السبب في تأخر إصدار قانون المساءلة الطبية، لإيجاد طريقة لمحاسبة الطبيب في حال أخطأ مهنيًا، ودعوة وسائل الإعلام للتوقف عن حملات التشهير بالأطباء. موضحة أن نقابة الأطباء حذرت مرارًا وتكرارًا من مثل هذه الحملات، لكونها تعمل على إحداث شرخ في العلاقة بين الأطباء والمرضى، بدلًا من أن تكون مبنية على الثقة والرحمة.

من جانبه، قال نقيب أطباء الجيزة، وأستاذ جراحة القلب بمعهد القلب القومي، الدكتور محمد نصر، إن حل أزمة هجرة الأطباء يكمن في توفير الأجر الكافي، إلى جانب احترامه، وتوفير الأمان له في عمله، وتدريبه وتعليمه جيدًا“.

واقترح الدكتور محمد نصر أن يكون للطبيب راتب محدد، إضافة لمكافأة أو مبلغ مالي إن جاز القول على كل حالة مرضية يتابعها أو يقوم بعلاجها، ما يضمن له دخلًا كبيرًا.

واعتبر أن قرار زيادة عدد المقبولين بكلية الطب لن يحل أزمة الهجرة، بل سيزيدها تعقيدًا، ويجب أن يكون هناك حسن استخدام للموارد المتاحة، فهناك 5% فقط من الأطباء الذين يتلقون تدريبًا، في حين أن هناك 95% لم يتمكنوا من ذلك، وهناك عدم عدالة حتى في المعاش، مؤكدًا أن منظومة الصحة بحاجة لإعادة هيكلة، فمصر لديها العدد الكافي من الأطباء، ولكن لا يتم استغلالهم بطريقة جيدة.

واقترح الدكتور محمد نصر عمل امتحان موحد لممارسة المهنة بالنسبة للأطباء الخريجين كافة، بعد إنهاء الدراسة الجامعية، بحيث يضع هذا الامتحان الأطباء في ترتيب كل حسب نتيجته، وبالتالي يتقدمون إلى المراكز الطبية المختلفة بلا وساطة أو محسوبية.

وكان رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، قد وجه بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد الذي تواجهه الدولة حاليًا في أعداد الأطباء، وكذلك زيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب، والسماح لخريجي الجامعات الخاصة بالتدريب في المستشفيات الحكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار